لجنة كل الحقيقة حول مصير الشهيد عبد اللطيف زروال
بيـــــــان الذكرى 45 لاستشهاد المناضل عبد اللطيف زروال
تحل اليوم، الخميس 14 نونبر 2019، الذكرى الخامسة والأٍربعون لاستشهاد أحد كبار المناضلين التقدميين الذين وهبوا حياتهم من أجل كرامة المواطن المغربي وتحرير بلادنا من الظلم والاستبداد. ألا وهو القيادي في منظمة إلى الأمام، الشهيد عبد اللطيف زروال؛ الذي تم اختطافه يوم 05 نونبر 1974 بالدار البيضاء في إطار حملات قمع واسعة استهدفت خلالها الدولة البوليسية الحركة التقدمية المغربية عامة، والحركة الماركسية اللينينية خاصة. ولقد تم تعريض الشهيد، كما العديد من رفاقه، لتعذيب وحشي بالمعتقل السري درب مولاي الشريف على يد الجلاد قدور اليوسفي وأعضاء الفرقة الوطنية للشرطة القضائية التي كان يشرف عليها وعلى عملياتها الإجرامية؛ وهو ما أدى إلى استشهاده يوم 14 نونبر 1974.
ومنذ يوم اختفائه، وعائلته تناضل من أجل معرفة الحقيقة الكاملة بخصوص المسؤوليات والظروف والملابسات التي أحاطت باختطافه وتعذيبه واغتياله. وبقيت على مدى خمسة عقود صامدة ومتشبثة بحقها في معرفة قبره وتسلم رفاته وأغراضه، وبضرورة تقديم المجرمين المتورطين في اختطافه وتعذيبه وقتله ثم إخفاء جثمانه، وأولئك الذين تستروا عن الجريمة وزوروا هويته بمستشفى ابن سينا للمساءلة القضائية.
فوجّهت العائلة عبر محاميها، الأستاذ عبد الرحيم برادة، عدة مراسلات لكل الجهات المسؤولة: النيابة العامة ورئاسة محكمة الاستئناف بالدار البيضاء ووزير العدل بتاريخ 27 يونيو 1975، ثم الوزارة الأولى بتاريخ 24/08/2010، فوزارة الداخلية بتاريخ 30/08/2010، ووزارة العدل بتاريخ 26/08/2010، والمجلس الاستشاري/الوطني لحقوق الإنسان بتاريخ 6/12/2010. إلا أن أيا من هذه الجهات لم تُجب على الرسائل التي وُجّهت لها.
وهو ما اضطرها لوضع شكاية مباشرة لدى القضاء في مواجهة المجرمين المتورطين في الجرائم العديدة المرتكبة في حق الشهيد وعلى رأسهم قدور اليوسفي وبوبكر الحسوني. وتنصّب للدفاع عن العائلة في هذه القضية ثلة من المحامين الشرفاء يتقدمهم الأستاذ النقيب عبد الرحمن بنعمرو والأستاذ النقيب عبد الرحيم الجامعي والأستاذ أحمد آيت بناصر والأستاذ محمد صدقو.
ولأن الدولة مصرة على الاستمرار في توفير الرعاية والحماية والإفلات التام من العقاب لهؤلاء المجرمين ولأعضاء الفرقة الذين أشرفوا على ما لا يقل عن ثمان جرائم في القضية وهي الاختطاف، وتعذيب المختطف، واستعمال التعذيب في ارتكاب جناية، والتسبب العمدي في القتل، وعدم التبليغ بارتكاب جريمة، وإخفاء الجثة، والتزوير، واستعمال الوثائق المزورة، فقد قررت محكمة الاستئناف في البداية رفض الشكاية؛ مما اضطر دفاع العائلة التوجه لمحكمة النقض، التي نطقت ولمرتين بالنقض الجزئي لقرار الرفض لمحكمة الاستئناف واعتبار جريمة إخفاء الجثة غير متقادمة، وإحالة الملف من جديد أمام أنظار محكمة الاستئناف بالرباط، التي لا زالت تتلكأ في فتح التحقيق مع المجرمين.
وفي هذه المناسبة، فإن لجنة كل الحقيقة حول مصير الشهيد عبد اللطيف زروال، تعبر عما يلي:
اعتبارها النقض الجزئي لمحكمة النقض، وللمرة الثانية، وقرار محكمة الاستئناف لا يستجيبان للمطلب الحقوقي بخصوص الكشف عن الحقيقة كاملة في كل الجرائم التي ارتكبت في حق الشهيد ومتابعة المتورطين فيها تفعيلا لمبدإ عدم الإفلات من العقاب في الجرائم السياسية؛
إدانتها لتلكؤ القضاء في فتح التحقيق مع المتورطين في جريمة اغتيال الشهيد، الذين وضعت العائلة شكايتها ضدهم؛
اعتبارها أن عدم فتح التحقيق في الملف يعرّي عدم جدية الدولة في الاستجابة لمطالب الحركة الحقوقية وتفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة في موضوع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان؛
تأكيدها على الاستمرار في النضال إلى جانب عائلة الشهيد عبد اللطيف زروال وعائلات كافة شهداء الشعب المغربي، وكل شرفاء الوطن من أجل مطالبها المشروعة في الكشف عن الحقيقة الكاملة، ومعرفة قبر الشهيد وتسلم رفاته ومحاكمة كل المجرمين المتورطين في هذه الجريمة السياسية؛
مطالبتها، إلى جانب الحركة الحقوقية والديمقراطية وكافة القوى الحية ببلادنا، بوضع حد للاعتقال السياسي وممارسة التعذيب، وبضرورة الإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين ببلادنا، وإسقاط التهم والمتابعات في حقهم، وعلى رأسهم معتقلو حراك الريف وكل الحركات الاحتجاجية بالمناطق الأخرى ومعتقلو الحركة الطلابية وحركة المعطلين والصحافيون ونشطاء الفضاء الرقمي…
دعوتها الحركة الديمقراطية والقوى الحية بالبلاد، أحزابا سياسية ومركزيات نقابية وجمعيات حقوقية ونسائية وشبيبية…، لتوحيد فعلها النضالي من أجل كشف الحقيقة كاملة في الجرائم السياسية ومساءلة مرتكبيها والمساهمة في حفظ الذاكرة؛ والنضال من أجل وضع حد لجرائم الاختطاف والتعذيب والاعتقال السياسي ببلادنا؛ وبناء الدولة الديمقراطية ومجتمع الكرامة والحرية والمساواة.
الرباط في 14 نونبر 2019