الرئيسية » قراءة في رواية عناقيد الغضب لجون شتاينبك

قراءة في رواية عناقيد الغضب لجون شتاينبك

كتبه user B

سعد مرتاح

قراءة في عناقيد الغضب لجون شتاينبك

رواية عناقيد الغضب رواية من 720 صفحة تحكي عن الواقع الأسود التي مرت به الولايات الشرقية لأمريكا أثناء الكساد الاقتصادي الكبير خلال الثلاثينات، وهي تتحدث عن عائلة ” أل جود” تلك العائلة التي صادر البنك أرضها فأصبحت أمام خيارين أحلاهما مر، إما الموت جوعا في ولاية اوهايوا أو النزوح إلى الغرب إلى كاليفورنيا، وما رجح الخيار الثاني هو إغراق الشركات الولايات الشرقية بآلاف الإعلانات التي تتحدث عن وجود فرص عمل مهمة وهائلة في الغرب وبأجور مرتفعة في مزارع ملاك الأراضي، أي أن العائلة بنت اختيارها هذا فقط على هذا الإعلان فتضطر العائلة لبيع كل شيء تملك، لشراء سيارة مهترئة تسافر بها مئات الكيلومترات للوصول إلى هناك.

وبعد رحلة شاقة دامت أكثر من أسبوع مات خلالها الجد ثم الجدة، وعانت بقية العائلة حتى وصلت إلى المكان المنشود لتصطدم بالواقع، واقع الرأسمالية المتوحشة، حيث هناك مئات الالاف من الاسر المتشردة إذ عائلة جود إلا نموذج فقط لما وقع لآلاف عائلات الشرق، العائلات التي تبحث في هذا المكان الغامض عن عمل بأي ثمن فلا يجدونه، ثم بعدها يفهمون سر تلك الإعلانات الكاذبة المتحدثة عن فرص عمل، حيث كلما كان هناك جياع يبحثون عن عمل أكثر كلما تقلصت الأجور وازدادت ساعات العمل إذ أن مالك الأرض هو في حاجة إلى 200 عامل فسيتحدث عن حاجته ل 2000 عامل. هذا في ظل حكومات تترأسها عصابات تفرض حلولاً للأزمات على حساب الشعوب، في حين أن السياسات الاقتصادية الفاشلة، والفساد الحكومي يعد المسؤول الحقيقي عنها.

بل أبرز من ذلك في هذا النظام حسب الرواية فالناس ممنوعون من الإضراب وبتوضيح جد باهر وبسيط بشرح لنا “جون شتاينبك” أن أكثر ما يخيف الملاك هو ان ينظم الفقراء أنفسهم ولهذا يخسرون مئات الآلاف من الدولارات لإجهاض أية إمكانية للتنظيم، فيقومون بتجييش الرأي العام ضد هؤلاء المهاجرين لدرجة يقوم فيها أهل كاليفورنيا بالانتقاص من العمال المهاجرين القادمين من ولايات أخرى، بل يصفونهم ب “الأوكيبي”، وهو مصطلح يحمل معاني دونية وجد عنصرية،

بل أبرز من ذلك في إحدى النواحي تجمع الفقراء وأقاموا بشكل راقي وحضاري مخيم نقي ومنظم يسوده التعاون والنظام والرقص، هذا ما أزعج اتحاد الملاك لدرجة تخطيطهم لعدة مخططات لتصفية هذا المخيم لما تركه في حياة المهاجرين.

في ظل أوضاع التشرد وعدم الثبات والحرمان والأطفال يموتون جوعا، والكبار حائرون، ينظرون بأم أعينهم كيف تتلف فيه ألاف السلال من الفواكه كي لا يساعد وجودها في السوق إلى خفض أسعاره! أو إتلاف مزارع القطن آو البن للسبب نفسه، وأي شخص حاول الاقتراب من هذه المنتجات يجوز إطلاق النار عليه.

آخر مشهد في الرواية وهو يحمل دلالات كثيرة، حيث تقوم “روزا جود” التي فقدت جنينها في العراء بسبب الظروف القاسية، تقوم بإرضاع من ثديها مسن على حافة الموت لم يأكل من أيام وجدته العائلة يحتضر، هذه الدلالة فهمتها وكأنها بداية وعي الفقراء بضرورة التضامن وأنه إن لم يتضامنوا فيما بينهم وأن يفكر وينطق كل واحد منهم بلفظ “نحن” بدل “أنا” سيدوم الوضع سوء وأن هذا التحول هو الوحيد الذي سيقضي على الكراهية وسيحولها إلى غضب، فالكراهية لا تنفع لكن الغضب الإنساني ينفع وكثيرا في إسقاط الطغيان والاستبداد..

لكن هل كان لا بد من كل هذه الخسارات الهائلة حتى نفهم ضرورة التحول من “أنا” إلى “نحن”؟

#اقتباس

“فلتخش الوقت الذي تتوقف فيه الإضرابات، بينما الملاك الكبار يعيشون، لأن في كل إضراب فاشل صغير دليلا على أن الخطوة قد اتخذت. ويمكنك أن تعرف هذا أيضا، فلتخش الوقت الذي لا تعاني فيه الإنسانية من أجل الفكرة لأن هذه الصفة هي وحدها الإنسان.” ص:230

” ثم يجيء وقت لا يعمل فيه الملاك في مزارعهم، حيث يزرع الملاك على الورق فحسب، لقد نسوا الأرض، يذكرون فقط كم يربحون منها.. ص:361

” عندما تتركز الملكية في أيد قليلة وأعداد الذين تنزع ملكياتهم تتزايد، وكل جهود الملاك لا توجه إلا لأعمال القهر الأموال تنفق في شراء السلاح والغاز والجواسيس يتصيدون همسات التمرد لكي يسحقوه فقد شكل الملاك جمعيات تحمي مصالحهم، يجتمعون ليناقشوا وسائل القتل وهم على دوام في فزع من قاعدة واحدة، 300 ألف لو تحركوا يوما تحت قيادة واحدة فإنها النهاية.” ص:370

“هناك بستان خوخ كبير اب عاهرة عملت فيه، يأخذ تسعة رجال طوال العام، يحتاج ل 3 ألاف رجل عندما ينضج الخوخ لا بد منهم، ماذا يفعلون؟ يوزعون إعلانات في كل مكان حتى جهنم إنهم في حاجة ب 3 آلاف فيأتي 6 آلاف وهكذا يحصلون على الرجال بالأجر الذي يريدون، فإذا لم تكن ترغب الأجر اللعنة، هناك ألف رجل في انتظار أن يحلوا محلك في العمل.” ص:380

 

“ثم اخترع الملاك وسيلة جديدة، يشتري المالك الكبير مصنع تعليب، وعندما ينضج الخوخ يخفض سعر الفاكهة إلى أقل من تكلفة زراعتها، وهكذا يدفع لنفسه، كمالك لمصنع تعليب، ويدفع سعرا منخفضا للفاكهة ويحافظ على سعر البضائع المعلبة، والمزارعون الصغار الذين لا يملكون مصانع تعليب يفقدون مزارعهم ويستولي عليها الملاك الكبار والبنوك.” ص:442

قد تعجبك أيضاً

اترك تعليقًا