الصفحة الرئيسية غير مصنف عودة للتهليل والتكبير على السطوح – الشاوي سعيد

عودة للتهليل والتكبير على السطوح – الشاوي سعيد

كتبه saad mertah

I.

  حين يسقط التفكير في النمطية ينتفي التحليل، فالعدو الخارجي بالنسبة للمخزن والظلامية بالنسبة لبعض “الحداثيين” لم يعد بينهما تفاصيل ودرجات فهما مطلقين وفضفاضين يتسعان لكل الأحداث والمظاهر ويلتقيان في هدف واحد وهو تصفية الآخر الذي يختلفون معه، وأحيانا يكون هذا الأخر هو الشعب المغربي الذي يتطور بتجربته وموروثه الذي يعجز الكثير عن استعابه ومواكبته، وفي السنوات الأخيرة باتت هذه المشاهد تتكرر لان الفرز داخل المجتمع أصبح حادا لدرجة العدوانية.

  النمطية تدفع التفكير إلى التطرف لأنها تعزله عن واقعه وتجعله يتماها مع الخرافة،لأن النمطية قاتلة وجامدة، وحين يموت الفكر تنتفي مساهمته في التطور والتنوير وتحليل الواقع واغتنائه ،ليتحول إلى أيديولوجية بئيسة يتساوى وجهي عملتها يسارا أو يمينا.
أسباب نزول هذا الكلام هو ما يحصل هذه الأيام من ظواهر مصاحبة للتعبئة الشاملة لمحاصرة وباء “كرونا”،هذه الظواهر التي لا يكلف بعض “مثقفينا” نفسهم عناء أي بحث ،فهم خلف الحاسوب يتوفرون على كل شيء مصدر رزقهم مضمون ولا خوف عليهم ولا منهم ولا هم يحزنون ،لا يحبون التشويش على هدوئهم المقدس،وبالتالي يوزعون الجهل والعلم وفق مقياس لا يزعزع توازنهم النفسي الهش ،وينتحلون صفة الشيطان والملائكة بخفة بهلوانية لا يفسرها غير حرصهم الشديد على مصالحهم المقيتة.

II.
   أن يصعد الناس فوق السطوح ويطلقون العنان لحناجرهم بالتهليل والتكبير هي مؤامرة فعلا لكن يحركها الجوع والفقر وترك الناس لمصيرهم المحتوم أي الموت جوعا آو الانتحار،الدولة بدلت مجهودا جبارا لتخفيف عبئ خسائر الباطرونة ،لكنها لفضت الآلاف من الناس لقمة سهلة لوحش الجوع والمرض ،فماذا ننتظر في هذه الحالة ،هل سيصعد الناس فوق السطوح للغناء والرقص كما فعلت العديد من شعوب العالم ،لا اضن ذالك لأنهم لم يتعلموا الفرح وكلما حاولوا ذالك يطلب منهم كيف سيفرحون لان الفرح بالمغرب مشروط ومحدد شكله حجما ووزنا،يلجأ الناس ادن لملاذهم الوحيد أي الدين،الدولة تختفي وراء الدين ،جل الأحزاب السياسية تتاجر في الدين قلة آو كثرة،الجمعيات يتم تفريخها تحت الطلب وتتشابه في العلاقة بالدين وتختلف فقط في الولاءات.

  الفقراء اليوم لا يبالون بما حولهم، فهم منغلقون على ما اكتسبوه من التاريخ ويطورونه كلما سنحت الظروف، والمثقفون وبعض أصناف اليسار أحيانا يتحالفون مع الكرباج ضد القن وأحيانا أخرى يتملقون للقن والكرباج للحفاظ على أمنهم وأمانهم، من حق الفقراء أن يخافوا، ولما لا والدولة أمطرتهم بغيت من الغموض وحاصرتهم بأصوات تستفز كل الفوبيات الكامنة فيهم، وبالمناسبة، على الأقل هؤلاء اللذين صعدوا للسطوح للتهليل والتكبير هم الأكثر حبا للحياة لأنهم يقولون نحن هنا بطريقتهم وغريزة حب البقاء والاستمرار، يصعدون جماعة وينزلون جماعة، لا يهم كيف يعبرون فذالك ما يملكون اليوم أما غدا فناظره قريب، عكس تلك الطبقة الوسطى المتعلمة المصطنعة التي تتهافت على الدقيق والزيت والقطاني في الأسواق الفخمة خوفا من الموت جوعا وتتقاتل فيما بينها، لم يشفع لا تعليمها ولا ادعاءاتها الزائفة في سائر الأيام بالتحضر والأناقة .

III.
  ما هو الفرح بالنسبة للشعوب، الفرح هو أن تغني بتلقائية وترقص بتلقائية أينما تشاء ومتى تشاء، الشعب المغربي لا حق له في ذالك، تم إفقاره وتهميشه وحرمانه من أبسط الحقوق وأحيانا تتظافر ظروف مختلفة لقهره كما هو الحال اليوم، الجفاف والجوع المزمن، الشعوب تفرح لكي تتجدد لتفتح آفاقا جديدة لتطلعاتها، الانتفاضات فرح، الثورات فرح، كل تمرد على واقع مريض فرح، كل هدم لبناء متهالك من أجل آخر يتجاوز القديم فرح، الشعوب العربية ومنها الشعب المغربي انتفضت لتجدد أحلامها وتفتح لنفسها آفاقا جديدة ف ي سنة 2011،فتكالب عليها الأعداء من كل حدب وصوب وأغرقوا حلمها في مستنقع من الدماء والتي بالمناسبة لم تنتهي حتى الان، هذا هو واقع الشعوب العربية ومنها الشعب المغربي، واليسار إما محاصر أو قام بتحويل رصيده النضالي إلى مصروف يومي يحصل عليه من بنك الدولة، وتحول العديد من اليساريين إلى بجع أعرج كثير الأكل والتغوط والصراخ.

IV.
  اليسار مع الأسف فاشل أو أفشل، ومنه من استسلم وفي جزء كبير منه غائب عن هموم الناس الحقيقية، حين تجتهد الدولة لتسمين الباطرونة وتهيئ كل القوانين وتأويلها حتى لا تؤدي أي فاتورة، يصمت جزء كبير من اليسار ويدس رأسه في الرمل، ويركز كثيرا وبحماس على “لحظة كورونا”والتعبئة الشاملة وضرورة الانضباط الأعمى، وينسى أن الآلاف من الناس يفترسهم الجوع والخوف والقلق، حياتهم تغير مسارها بين عشية وضحاها دون أي سابق إنذار، وأصبحوا مطالبين بتأدية كامل الفاتورة.

  الفراغ الذي يتركه اليسار على الأرض، لن ينتظر الفقراء “مهديا منتظرا” لملأه، قادما من حياته المخملية ليشنف أدانهم بخطاباته المملة الركيكة، أن تخرج الناس لسطوحها أو سطوح جيرانها لتصرخ لتصبح مرئية لتقول نحن هنا ولكي لا تتحول إلى حثالة أو بقايا مأدبة لئام لتتشبث بحقها في وطنها وثروة وطنها، لا يحتاج ذالك إلى مخطط من الوراء، تحتاج فقط للحظة تخمر مركزة لتحصل الطفرة وأكيد أن الأمر سيتطور بتطور لسعات الجوع.

  مع الأسف الشديد جزء كبير من اليسار يدعي ما يدعي لكنه يخطئ العدو وبالتالي يساهم في تأخير التغيير، ويؤجل فرصة الفرح على الشعب المغربي، جزء كبير من اليسار غارق في التفاهة وترتيب الجمل والبحث عن اللذة. لكل حاله بكل تأكيد، لكن التواطؤ ضد حق شعب في الحياة غير مقبول، الشعب المغربي يتلمس طريقه بإمكاناته وقد أكد في اكثر من مرة انه في غير حاجة إلى زعماء الجمل المنمقة، فهو يصنع زعمائه وقادته ولكم في الحياة دروس.

قد تعجبك أيضاً

اترك تعليقًا