الصفحة الرئيسية قضايا أمميةاليسار العالمي د. طنوس شلهوب: أئمة المساجد ولينين!

د. طنوس شلهوب: أئمة المساجد ولينين!

كتبه chabiba

د. طنوس شلهوب

    ” لقد فعلوا الصواب، فلو لم يكن لينين، لكان كل سكان أسيا الوسطى جهلاء مثل الوضع في أفغانستان”، بهذه العبارة علق احد المواطنين من مدينة شهرتوز (шахритус) шаартуз في جنوبي طاجكستان لقيام أئمة المساجد في المدينة التي يزيد عدد سكانها على 16 الف نسمة بإنفاق أموال تبرعات على ترميم تمثال لينين واعادته الى منصته في المدينة.

   وقام الأئمة باستخدام الأموال التي جمعوها من التبرعات خلال صلوات الجمعة لترميم التمثال بتركيب ذراع جديدة له بدلاً من الذراع المكسورة، وبإعادة طلائه باللون الذهبي اللامع. 
وكان قد صرح مهرنيسو راجيبوفا وهو احد اعضاء مجلس المدينة قائلاً: “إن الأئمة هم أصحاب الفكرة، ونفذوها من تلقاء أنفسهم، وقاموا بترميم التمثال، الذي يعود تاريخ وضعه الى العام 1982، ونظفوا المنتزه حوله بالكامل، وأعادوا نافورة المياه للعمل”.
وقال أحد الأئمة المشاركين في المشروع إن كل مسجد في المدينة كان يجمع تبرعات أسبوعية تعادل مئة دولار أميركي.
    هذه التفاصيل اوردها موقع bbc، ولم يمر الخبر من دون ذكر إلحاد الثورة البولشفية التي قادها لينين، وذلك بهدف بخ السم في الطعام، بحيث تستدعي طريقة صياغة الخبر الادانة من قبل المؤمنين المسلمين تجاه هذه الخطوة التي قام بها أئمة مساجد المدينة. 
    إن الاوضاع المعيشية الصعبة التي يعاني منها القسم الاكبر من سكان روسيا والجمهوريات السوفياتية السابقة تدفع بالمواطنين الذين عاشوا في ظل النظام الاشتراكي للمقارنة مع حياتهم في تلك الايام، حيث لا قلق على المستقبل، في ظل نظام أمن المتطلبات الاساسية للحياة الكريمة من عمل وصحة وتعليم وضمان شيخوخة وكرامة انسانية وعزة وطنية. مفتاح التخاطب بين الناس كان كلمة ” رفيق”، ولا ألقاب، لا أسياد ولا أتباع، مخيمات شبه مجانية للاطفال والشباب، لا تمييز على أساس العرق، او الأثنية، او الجنس، او لون البشرة، او الشكل الخارجي، او الموقع الاجتماعي، وكان كافياً التوجه للشخص بأسمه الاول متبوعاً بأسم والده للدلالة على ابقاء المسافة معه من باب الإحترام، وخلال التكلم مع شخص لا نعرفه كان الجميع يستخدمون صيغة انتم، حتى لو كان الأكبر سناً يتوجه للأصغر منه. 
   اين كل هذا اليوم؟ فمع دخول الرأسمالية تكونت بسرعة شريحة اجتماعية كانت قد نهبت الاملاك الاشتراكية وبدأت بمراكمة الثروات وبنت لنفسها القصور وصارت تعيش حياة بزخ يفوق التصورات، و بالمقابل فان الملايين من الناس صار حتى الحصول على عمل دائم بالنسبة لهم هو من باب الرفاه بغض النظر عن الأجر. 
والحريات التي وعدوا (بضم الواو) بها أظهرت وجهها بما هي حرية رأس المال في مراكمة الثروات على حساب استغلال الملايين من الناس.
    لينين ليس مجرد تمثال من البرونز اراد أئمة المساجد في مدينة شهرتوز اعادة الاعتبار له بإعادته الى منصته في مركز المدينة، وقد كلفهم ذلك اموالاً كثيرة تبرع بها المصلون، فالمئة دولار ليست بالرقم القليل بالنسبة للمصلين، انه تجسيد لكل ما هو جميل في ذاكرتهم ولم يعد بامكانهم اليوم الحصول عليه، و لمرحلة تم تشويه كل ايجابياتها، وليكتشف الناس لاحقاً حجم الكذبة المسماة حرية برجوازية.
   إن الفارق بين هؤلاء الأئمة وبعض ” المنظرين” الذين نسبوا أنفسهم في مرحلة من حياتهم الى الحركة الشيوعية ومن ثم نقلوا البندقية الى الكتف الأخرى بعد انهيار الاشتراكية السوفياتية، وبعضهم انبرى لمحاكمة لينين، هذا الفارق صغير جداً في حروفه وعظيم جداً في مدلولاته وهو يأخذ على الورقة البيضاء المساحة التي تحتلها كلمة انتهازية.

“عن صفحة الحزب الشيوعي الاردني-المكتب الشبابي والطلابي”

قد تعجبك أيضاً

اترك تعليقًا