بقلم: رفيق تقدمي
إن بلورة أي برنامج لاستنهاض الفعل الطلابي، و أية خطة تستهدف الانتقال من الدفاع المفكك إلى الهجوم المنظم و الموحد القادر على الظفر بالحقوق، أية خطة كيفما كانت، من الضروري لها الارتكاز على تحليل ملموس للواقع الملموس، أي تحليل للظرفية العامة والشروط الذاتية والتحديد الدقيق لمقوماتهما الإيجابية المتوفرة وذلك لاشتقاق الخطة و البرنامج للسير بخطى ثابتة نحو الهدف المركزي: عقد المؤتمر.
إن عملية الاستنهاض عملية اندماجية لصهر النضال الطلابي المطلبي و التنظيمي عبر تنسيق نضالي قاعدي متين و موحد من القاعدة للقمة على مستوى كل موقع إلى مستواه الوطني، حتى تتمكن الحركة الطلابية من استرجاع مكانتها كقوة اجتماعية و نقابة مكافحة في سيرورة إعادة البناء لمنظمتها و فرز قيادتها و أجهزتها التمثيلية الديمقراطية للشروع في تهييئ شروط عقد المؤتمر.
فتقديرا للظرف والوضعية التي تمر منها الحركة الطلابية (المشار اليها أعلاه ) و ارتكازا على التطورات الدقيقة الحالية، فإن أية خطة كفيلة بعملية استنهاض فعلية، هي تلك الكفيلة بتفعيل الذخائر و الطاقات الطلابية و قواها الذاتية في برنامج حد أدنى للنضال الجماهيري الحازم، المكافح و التقدمي بهدف واضح ألا و هو تهييئ الشروط لعقد المؤتمر الاستثنائي كمهمة مركزية.
والأكيد للوهلة الأولى لأي ملاحظ متبصر للوضع القائم، يسجل أن نضالات الحركة الطلابية تصطدم بغياب التنظيم، وتصطدم أكثر بالداعين إلى تغييب التنظيم و بالتالي تغييب الجماهير وإبعادها عن حقها الديمقراطي في التسيير والتقرير، بتمكينها من هياكل وأجهزة ينتظم فيها كل الطلبة ويسيرونها ويقررون من خلالها. كما إنه من البديهي جدا، أن الظرفية الحالية بسياقاتها ومميزاتها السياسية، توفر كل الشروط لإنهاء حالة الشلل والعزلة التنظيمية والسياسية للحركة الطلابية، و أن الأوضاع الراهنة جد مناسبة لشن حملة الهجوم المنظم من أجل استعادة إوطم منظمة نقابية قوية وموحدة، خصوصا بعد الشكلين النضاليين الوحدويين (23 مارس 2014،و 22 مارس 2015 ) اللذان أعلنا عن بداية تهالك التوجهات الانهزامية و التفريطية في العديد من المواقع، كما برهنا كذلك على أن وثيرة التقدم نحو إنجاز مهام أكبر أضحت غير مستحيلة، بل بالإمكان إنجازها في مدى غير بعيد، إذا تظافرت المجهودات و الطاقات لخدمة الأهداف الأساسية المستعجلة.
هكذا يتضح أن العمل الوحدوي هو الإجابة العلمية لانطلاق النضال الجاد ولفتح الآفاق للحركة الطلابية، فوحدة الانتماء لإوطم والدفاع عنها ممثلا شرعيا ووحيدا للطلبة هو تجسيد أولي للعمل الوحدوي بين تيارات الحركة الطلابية والجماهير الطلابية وهذا ينتج عنه موضوعيا العمل على وحدة الصف الطلابي، الوحدة الفعلية الأرقى لمواجهة المخططات. لأن الجماهير الطلابية لا يمكنها أن تحقق وحدتها الفعلية إلا من خلال نضالها ككتلة واحدة مشبكة و مندمجة، و تضحى قوة لا تقهر باستعادة قائدها الجماعي : إوطم.
ولترسيخ هذا العمل الوحدوي والبلوغ للهدف المركزي يضع فصيل طلبة اليسار التقدمي في برنامجه للفترة الراهنة تلاث نقط رئيسية :
- تشكيل جبهة طلابية تمثل القيادة السياسية التي ستنجز مهام بناء التوجه الديموقراطي و توحيد و تنظيم نضالات الحركة الطلابية.
لقد ظهر من خلال العمل الوحدوي الذي جمعنا مع العديد من الفصائل الطلابية أن هناك إمكانات كبيرة لبزوغ تيار واسع للطلبة التقدميين، الذي بإمكانه أن يلعب دورا طليعيا في توجيه الحركة الطلابية نحو مهامها المركزية في الدفاع عن حقوقها التعليمية و الديمقراطية. هذا التيار أو التوجه يفتقد لحدود الساعة إلى هيكلة في حدودها الدنيا و إلى توجه عام بأهداف دقيقة و برنامج حد أدنى للعمل و الإنجاز في الميدان.
إن صيغة الجبهة باعتبارها شكلا من أشكال التنسيق بين تنظيمات و مكونات مختلفة تتشكل على قاعدة قواسم مشتركة و حد أدنى للعمل المشترك، و باعتبارها إطارا مفتوحا و مرنا تتيح الحرية و إمكانات كبيرة للعمل المستقل و الجماعي لكل إطاراتها المشكلة و الراغبة في الانضمام. و في هذا الإطار، قد تستجيب هذه الصيغة لتجميع و لف فعاليات و فصائل الحركة الطلابية، نظرا للفرز العام الذي أضحت عليه الحركة في هذه الفترة. و قد تلعب الجبهة كحلف وحدوي دورا طليعيا في المهمة المركزية للنضال النقابي الوطني و التنسيق التنظيمي لإعادة البناء و عقد المؤتمر.
إن جبهة موحدة للتنسيق الملتزم الميداني للنضال الموحد و المنظم بين كل المكونات التقدمية هي التربة المادية لانبثاق التوجه الديمقراطي والخط الديمقراطي المنشود. و لأنه أصبح مهمة غير قابلة للتأجيل، نظرا للظروف الحالية المواتية نسبيا، في رص صفوف الحركة الطلابية وتكثيف جهودها لقيادة وصيانة مسلسل النضال ومركزته في إنجاز المهام الأساسية المباشرة على رأسها هدف عقد المؤتمر الوطني لإوطم. فمن جهة، يشكل هذا الإطار الجبهوي وعاء لتنسيق وتوجيه العمل الجماهيري عبر طرح البرامج النضالية والمطالب الطلابية، وفضاء لضرب الأفكار الانهزامية و الاستخدامية التي تجد تربة خصبة لها في غياب التمثيليات و الهياكل الطلابية مما سهل تصريف الهجوم على حقوق الطلبة ؛ و من جهة أخرى يمثل هذا التجمع القيادة السياسية الانتقالية لتأمين عقد المؤتمر.
- تشكيل أنوية تنظيمية للتوجه الديمقراطي و هيكلته قاعديا على أرضية ملفات مطلبية موحدة في أفق عقد مجلس لتنظيم التوجه الديمقراطي و فرز الملف المطلبي الوطني :
إن مفهوم التوجه الديمقراطي أثر و نتيجة لحركة و برنامج موجه و حمولة نضالية و سياسية موحدة و منظمة، فقاعدته هي مادية ملموسة و ليس فقط اتجاها محسوسا. كما يشكل هذا التوجه الديمقراطي التنظيم القاعدي المشكل من تنسيقيات طلابية عبر مجالس الطلبة ولجانهم ( الأنوية ) باعتبارها الهياكل القاعدية الأساسية في كل موقع جامعي، لقيادة النضال الميداني والتفاعل الديمقراطي، في إطار العمل الوحدوي الجماهيري التعبوي حول البرامج الطلابية للمكونات الديمقراطية والتجسيد الفعلي لإشراك الجماهير الطلابية في المهمات الأساسية للمضي قدما كقوة منظمة ببرامج واضحة نحو الأهداف المسطرة، منطلقها استعادة أوطم منظمة نقابية لجميع الطلبة مكافحة وتقدمية من أجل تحقيق تعليم شعبي ديمقراطي عمومي مجاني و جيد.
إن صيغة مجالس المناضلين و التنسيقيات الطلابية بالموقع بتنشيط "سياسي" للجبهة هي صيغة لمفهوم "العضو العامل" أما ما هو جوهري فيها، فهو ليس التغيير التنظيمي الديمقراطي فحسب، بل النشاط النقابي و السياسي الجماهيري لهذه المجالس الدائمة التوسع بشكل منهجي في تنسيقيات محلية تحضر بحماس للمستوى الأرقى للتنسيق (مجلس وطني للتنسيق) فاتحة أفق عقد المؤتمر، كما أنها التربة الحقيقية لممارسة النضال النقابي و التمرس للطاقات النضالية الأوطمية و فضاءات لتملك المبادرة و الاستقلالية لضرب الوصاية و التسلط الارتزاقي.
إن التركيز على هذه الحلقة المركزية على مستوى المواقع الجامعية "تشكيل الأنوية" (تتشكل من المجالس و اللجان) ، "أنوية" على صعيد الكليات والمعاهد والمدارس والأحياء الجامعية، لتشكيل الأذرع النقابية (الهياكل القاعدية) لقيادة المعارك النضالية ، كحلقة وسطى أساسية بوحدتها، لقيادة النضال النقابي والمكافح و التقدمي نحو الهدف المركزي لبناء أوطم وعقد المؤتمر وتفعيل العمل المحلي والوطني في توجيه وقيادة النضال الجماهيري الطلابي (لأن عملية البناء لا يمكن فصلها عن الفعل النضالي المطلبي و بمعزل عن أوسع الجماهير).
-
إصدار جريدة طلابية، والنضال على واجهة الحريات الديمقراطية، وربط النضال الطلابي بالنضال العام.
- إصدار جريدة تعنى بنضالات الحركة الطلابية وقضاياها المركزية.
إن دور الجريدة في لف أوسع قاعدة طلابية حول جبهة الطلبة التقدميين، لهو دور مركزي لا غنى عنه في سياق التراجع المهول للوعي النقابي والسياسي في صفوف الطلاب، جراء السياسات التخريبية التي نهجها النظام في حقل التعليم. لذلك تأتي مركزية الجريدة الطلابية الوطنية التي ستشكل لا محالة رابطا بين الآراء والتوجهات وسط حقل الصراع الطلابي، كما ستكون بمثابة منبر للتعريف بنضالات الجماهير الطلابية ونقل التجارب بين المواقع والمراكز التعليمية، زد على ذلك الدور المهم الذي يمكن أن تلعبه في إثارة وتقريب الروئ بين الجماهير الطلابية والقوى التقدمية وسط الجامعة حول مختلف القضايا المركزية المرتبطة بالحركة الطلابية والتعليم عموما.
- النضال من أجل رفع الحصار على الجامعة وفرض الحريات الديمقراطية وإطلاق سراح المعتقلين.
إن هذا المحور بالذات المتعلق بالعمل الوحدوي على واجهة الحريات الديمقراطية النقابية والسياسية منها وسط الجامعة المغربية، يقتضي منا الاستعجال في بلورة آلية ديمقراطية وطنية تستوعب مختلف الفصائل التقدمية دون استثناء، شريطة إسنادها من طرف القواعد الطلابية.
إن عنصر الاستعجال في هذا الجانب يجد أساسه في حجم الهجوم الذي يتعرض له الجسم الطلابي التقدمي القائد للنضالات في المواقع، وها نحن نلحظ اليوم عدد الرفاق الذين لازالوا يقبعون في زنازين الرجعية، كما أن المؤشرات المرتبطة بمخطط الإصلاح التصفوي الذي يقوم النظام بتفعيله تؤكد أن الاستهدافات المباشرة للمناضلين والمناضلات وسط الجامعة سترتفع وتيرتها. إذا فهذا الباب بالذات لا يقبل أي تأخير أو تأجيل.
- ربط النضال الطلابي بنضالات الشبيبة التعليمية، وبالنضال الشعبي الذي تتصدره حركة 20 فبراير ضد قمع الحريات ومن أجل انهاء الاستبداد والفساد على طريق الديمقراطية المجالسية، والتصدي للرأسمالية التبعية وليبراليتها المتوحشة اقتصاديا واجتماعيا.
ان تطوير العمل المشترك مع إطارات الشبيبة التعليمية (تلاميذ، طلبة، معطلين) يشكل أحد الأهداف النضالية المركزية التي نصبوا إليها في المرحلة. وينطلق هذا الطموح النضالي من القواسم البنيوية المشتركة التي تجمعنا ومختلف أطياف الشبيبة التعليمية وفي مقدمتها خاصية الانتقالية التي توحدنا، وكوننا جميعا ننتمي إلى منظومة التعليم بكافة أصنافه ونعيش أزمته التي تشكل البطالة الجماهيرية لحملة الشهادات أو المطرودين من الجامعات أبرز مظاهرها. وفي هذا الصدد نوجه الانتباه إلى أن أوطم والجمعية الوطنية للمعطلين يمكن ويجب أن يلعبا دور القاطرة في قيادة النضال من أجل هذا العمل المشترك الذي سيحقق قفزة نوعية في نضالنا العام كشبيبة تعليمية.
إن حجم مساهمة الحركة الطلابية في النضال السياسي لجماهير شعبنا وفي قلبه النضال المستمر لحركة 20 فبراير المجيدة، لا يزال دون المستوى المطلوب عددا ونوعا وتنظيما، لذلك يطرح هذا الوضع وشروط هذه المرحلة الجديدة من نضال شعبنا وحركتنا الطلابية التقدمية المتسمة باشتداد القمع والاعتقالات واتساع رقعة النضالات، التقدم أكثر في مهام ربط النضال الطلابي بنضالات شعبنا عموما ونضالات حركة 20 فبراير على وجه الخصوص، وهذا ما يطرح على الطلبة التقدميين وسط الجامعة وفي إطار الجبهة الموحدة، جعل التعبئة والانخراط المستمرين في حركة 20 فبراير نقطة أساسية في صلب البرامج النضالية للحركة الطلابية.