الصفحة الرئيسية • وجهة نظرحوارات حوار مع “ع.الطيف زروال”حول مشروع قانون المالية 2018

حوار مع “ع.الطيف زروال”حول مشروع قانون المالية 2018

كتبه chabiba

        نشرت جريدة النهج الديمقراطي في عددها 253 حوارا مع الكاتب الوطني لشبيبة النهج الديمقراطي الرفيق ” عبد اللطيف زروال” حول “مشروع قانون المالية 2018” نعيد نشره لكل غاية مفيدة:

1. بداية، كيف تعرف قانون المالية؟

قانون المالية هو قانون تحدد بموجبه الميزانية العامة للدولة أي مجموع مواردها و مصاريفها خلال سنة. وهو يعكس التوجهات الاقتصادية و الاجتماعية السائدة على المدى البعيد و المتوسط في بلد معين أي في نهاية المطاف موازين القوى بين الطبقات الاجتماعية.

2. إذا كان قانون المالية انعكاسا لمصالح اجتماعية و طبقية معينة، فكيف يظهر ذلك في الحالة المغربية

    بدون الغوص في التفاصيل و المعطيات التاريخية و إذا اقتصرنا على الفترة الأخيرة، فإنه يمكننا القول أن قانون المالية يعكس التوجه النيوليبرالي للنظام المغربي بدعم و مباركة من البنك العالمي و صندوق النقد الدولي. ولعل من بين الأمور التي لا ننتبه لها كثيرا كون الفصل 77 من دستور 2011 يكرس هذا التوجه في ما يخص الميزانية حينما يؤكد على ما يلي: “يسھر البرلمان والحكومة على الحفاظ على توازن مالية الدولة . وللحكومة أن ترفض، بعد بيان الأسباب، المقترحات والتعديلات التي يتقدم بھا أعضاء البرلمان، إذا كان قبولھا يؤدي بالنسبة لقانون المالية إلى تخفيض الموارد العمومية، أو إلى إحداث تكليف عمومي، أو الزيادة في تكليف موجود.” يشكل هذا الفصل دسترة للقاعدة الذهبية في الميزانية التي فرضها مثلا الاتحاد الأوروبي على الدول الأعضاء و التي بموجبها لا يجب أن يتجاوز عجز الميزانية %3 من الناتج الداخلي الخام. و من المعروف أن هذه القاعدة ذات خلفية نيوليبرالية. و قد جاء القانون التنظيمي لقانون المالية الذي صدر سنة 2015 ليمأسس هذا التوجه.

   لا بد من الإشارة كذلك إلى أنه بموجب الخط الائتماني الذي طلبته الدولة من صندوق النقد الدولي، فإن التوجهات العامة لقانون المالية تترجم “التزاماتها” (من خلال رسالة النوايا) اتجاه هذا الأخير الذي يسهر على تتبعها من خلال زيارات متكررة و دورية لخبرائه.

3. كيف يكرس مشروع قانون المالية لسنة 2018 هذا التوجه؟

يكرس مشروع قانون المالية لسنة  2018 هذا التوجه من خلال:

أ- منح الهدايا للباطرونا: و لعل أهمها اعتماد نظام سعر تصاعدي للضريبة على الشركات (وهو أحد المطالب الرئيسية لمنظمة الباطرونا الكونفدرالية العامة لمقاولات المغرب) يرتكز على ثلاث معدلات (10% بالنسبة لربح صاف يساوي أو يقل عن 300.000 درهم، 20% بالنسبة لربح صاف يتراوح بين 300.001 و مليون درهم، 31% بالنسبة لربح صاف يفوق مليون درهم). تنضاف إليه عدد من الإجراءات الهادفة إلى تشجيع تعزيز رأسمال الشركات الرفع منه و كذا بعض الإعفاءات من الضريبة على القيمة المضافة أو من واجبات التسجيل (كما بالنسبة لشراء أراضي من أجل بناء وحدات سياحية) و توحيد سعر الضريبة على الأرباح العقارية الصافية المحصل عليها نتيجة بيع أراضي حضرية غير مبنية في 20% عبر حذف السعرين الآخرين 30% و %25 و هذا تشجيع صريح على المضاربة العقارية.

لابد هنا أن نشير إلى أن التقرير حول المصاريف الضريبية المرفق بمشروع قانون المالية يؤكد أن المستفيد الأكبر من الامتيازات الضريبية (إعفاءات، تخفيضات…) هو المقاولات أي رأس المال (و على رأسه الرأسمال العقاري و الفلاحي و الموجه نحو التصدير)  بنسبة % 54 بينما تتقاسم الأسر و الدولة الباقي.

– تحميل عموم المواطنين والجماهير الشعبية تكاليف هذه الهدايا الممنوحة لرأس المال من خلال رفع الضريبة على القيمة المضافة على المواد البترولية (من 10% إلى %14) -الذي سيكون له تأثير مباشر و غير مباشر على القدرة الشرائية للطبقات الشعبية- و على الخدمات المقدمة من طرف شركات التأمين (من 14% إلى %20) و واجبات التنبر على جوازات السفر (من 300 إلى 500 درهم).

– إزالة الشحم dégraissage عن الدولة و تفكيك الوظيفة العمومية في القطاعات الاجتماعية في الوقت الذي تمنح الأجهزة القمعية كافة الموارد الضرورية: فبموجب مشروع قانون المالية ستخلق الدولة 19265 منصبا ماليا (و هو عدد بالمناسبة أقل من 23768 منصبا خلقت سنة 2017) %62 منها ستكون من نصيب وزارة الداخلية (8000 منصبا) و إدارة الدفاع الوطني (4000 منصبا). و المفاجأة الكبرى هي أنه لن يخلق أي منصب شغل جديد في قطاع التربية الوطنية (700 منصب فحسب في التعليم العالي). إنها كارثة بكل المقاييس في قطاع يعرف خصاصا مهولا. لتعويض ذلك، تتحدث الحكومة عن إحداث 20 ألف منصب جديد بالتعاقد ليصبح عدد المتعاقدين حوالي 55 ألف في هذا القطاع (أي التربية الوطنية) الذي يبلغ عدد المدرسين فيه أزيد من 200 ألف. إنها خطوة نوعية جديدة في مجال تفكيك الوظيفة العمومية تنسجم مع التوجه العام للدولة منذ عقود و الذي عكسته التوصيات المتضمنة في التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات (الذي أصبح في الحقيقة أداة لتصفية الحسابات مع أطراف معينة) حول الوظيفة العمومية. لهذا حين يقول وزير الاقتصاد والمالية أن مشروع قانون المالية لسنة 2018 “ذو طابع اجتماعي واضح وملموس”، فإنه في الحقيقة يضلل الرأي العام.

4.هل كان لخطاب افتتاح دورة البرلمان من أثر في صياغة مشروع قانون مالية 2018 و ما هي قراءتكم لهذا المشروع في الظرفية الراهنة و ما هي المشاكل المطروحة؟

يجسد مشروع قانون المالية لهذه السنة طبيعة “النموذج التنموي” الذي ينوي النظام تطبيقه مستقبلا: تفكيك الوظيفة العمومية في القطاعات الاجتماعية و زرع الهشاشة وسطها، “تشجيع الاستثمار الخاص” أي في الحقيقة الرأس المال الخاص الأجنبي و المحلي (هذا الأخير معروف باتجاهه نحو القطاعات الريعية و غير الإنتاجية لتحقيق الربح السريع)، تفكيك ما تبقى من مكتسبات للجماهير الشعبية و تحميلها فاتورة تطبيق “النموذج التنموي”، تحديث الأجهزة القمعية و منحها كافة الإمكانيات تحسبا لأي هزة جديدة تدل كل المؤشرات على أن تباشيرها باتت تلوح في الأفق القريب.

5. ما هي مميزات قانون مالي يستجيب لحاجيات الجماهير الشعبية؟

كما أشرت لذلك في البداية، فإنه من الصعب فصل قانون المالية عن التوجهات الاقتصادية و الاجتماعية السائدة على المدى البعيد و المتوسط. إن قانونا ماليا يستجيب لحاجيات الجماهير الشعبية يفترض سياسات تهدف إلى بناء اقتصاد وطني متحرر من التبعية يروم تحقيق تطلعات الجماهير الشعبية في العيش الكريم. غير أنه من الممكن، في ظل موازين القوى الحالية، أن نتصور بلورة برنامج حد أدنى بين القوى الحية في بلادنا يسعى إلى التصدي للتوجه التقشفي لمشروع قانون المالية من خلال النضال من أجل:

– تحويل مناصب الشغل بموجب التعاقد في قطاع التعليم إلى مناصب “قارة”.

– تحويل 50% من مناصب الشغل المحدثة في الداخلية و إدارة الدفاع للقطاعات الاجتماعية.

– الرفع من الميزانية المخصصة للقطاعات الاجتماعية.

– الرفع من الأجور الدنيا في القطاع العام.

– الرفع من الضريبة على الشركات و رفض اعتماد نظام سعر تصاعدي.

– إعادة النظر في كافة الامتيازات الضريبية لصالح المقاولات خاصة العقارية و الفلاحية و السياحية.

– إقرار ضريبة على الثروة.

– إعفاء المواد الأساسية ذات الاستهلاك الواسع من الضريبة على القيمة المضافة.

قد تعجبك أيضاً

اترك تعليقًا