الرئيسية » النيبال: فوز ساحق للشيوعيين في الانتخابات

النيبال: فوز ساحق للشيوعيين في الانتخابات

كتبه user B

اندماج أكبر حزبين شيوعيين وفوز انتخابي ساحق في النيبال نقطة ضوء لليسار بشرق أسيا وخطوة كبيرة على طريق الاشتراكية

جريدة النهج الديمقراطي

نسلط الضوء في هذا المقال على الحركة الشيوعية في النيبال والمكتسبات التي حققتها سنة 2018 عند تحقيق فوز كبير في الانتخابات البرلمانية واندماج أكبر حزبين شيوعيين في البلاد. بالإضافة إلى حوار مع رئيس الوزراء السابق الرفيق مداف نيبال والرفيق القيادي براكاش بخصوص مواقف الحزب الشيوعي للنيبال من الصين والهند وروسيا ونضالهم ضد الامبريالية وأدواتها المالية، بالإضافة إلى وجهة نظرهم بخصوص السيرورات الثورية بالمنطقة العربية والمغاربية.

شهدت النيبال يوما تاريخيا في 17 ماي الماضي عندما أعلن أكبر حزبين يساريين، الحزب الشيوعي الماركسي اللينيني والحزب الشيوعي الماوي، عن اندماجهما في حزب واحد.

وقد سبق ذلك فوز الائتلاف اليساري بالأغلبية المطلقة في البرلمان بعد حصولهم على 113 مقعد في مجلس المستشارين من أصل 165 عبر التصويت، و 174 من أصل 275 عبر الاقتراع النسبي.

الرفيق عبد الله الحريف عن النهج الديمقراطي في لقاء مع قادة شيوعيين نباليين

وقد ظهر اليسار في النيبال بشكل منظم منذ سنة 1949 عندما تأسس الحزب الشيوعي للنيبال في وقت كانت البلاد تعيش في ظل نظام إقطاعي استمر إلى حدود سنة 1950 عندما صعدت البرجوازية للحكم و تحولت الملكية إلى ملكية دستورية ألغيت معها كل تقاليد وممارسات الإقطاع.

وقد شهدت البلاد أول انتخابات تشريعية سنة 1959. وحصلت فيها البرجوازية على ثلثي أعضاء البرلمان فيما حصد الحزب الشيوعي أربعة مقاعد. إلا أن الملك قد رفض هذه النتيجة وحل البرلمان ومنع الأحزاب وشرعن لحكم فردي مطلق دام 30 سنة.

وخلال الستينات، شهد الحزب الشيوعي صراعات عديدة. نتج عنها عدة انقسامات لكنه الحزب ضل جد نشيط وسط الشعب، وخاصة الفلاحين.

وفي هذا السياق يقول الرفيق مداف نيبال، الأمين العام السابق للحزب الشيوعي الماركسي اللينيني (أحد الأحزاب المندمجة) ورئيس الوزراء السابق للنيبال:

“برز في السبعينيات جيل جديد متأثر بالثورة الثقافية الصينية وأسس منظمة جديدة. لكن مع احتداد الصراع في البلاد، بدأت المجموعات الشيوعية تتجمع وبرز بينها تياران أساسيان: تيار النضال السياسي السلمي وتيار الكفاح المسلح. ساهم التيار الأول في النضال السلمي المدني وشارك في جميع الانتخابات، فيما شارك التيار الثاني في بعضها وقاطع البعض الأخر وانتهج الكفاح المسلح كشكل من أشكال الصراع مع الحكم المطلق”

وقد شهدت سنة 1990 منعطفا حاسما في تاريخ النيبال. حين تحالف الحزب الشيوعي والبرجوازية الليبرالية ضد الملكية الشيء الذي أدى إلى فرض دستور متوافق عليه بين الملك والبرجوازية والحزب الشيوعي.
وفي انتخابات 1991 حصل الحزب الشيوعي على ثلث مقاعد البرلمان، نفس الشيء بالنسبة للبرجوازية بينما عاد الثلث الأخير للأحزاب الموالية للملكية.

وفي انتخابات 1994، أصبح الحزب الشيوعي القوة الأولى في البرلمان واحتلت البرجوازية المرتبة الثانية. قاد الحزب الشيوعي حكومة أقلية حيث كان الكاتب العام للحزب الشيوعي هو الوزير الأول وحصل الحزب على منصب نائب الوزير الأول ووزير الخارجية والدفاع. بعد 9 أشهر، تم إسقاط الحكومة. لكن الحزب استغل هذه الفترة ليكتسب شعبية أكبر من خلال دحض الإدعاءات بأن الحزب سيواجه كل المعارضين بالعنف والقتل وكذا القيام بعمل كبير لفائدة الشباب ومن أجل حقوق المرأة و المنبوذين والفلاحين.
بخصوص العلاقة مع البرجوازية والنظام الملكي، صرح الرفيق مداف نيبال:

“في سنة 2000، وقعت مجزرة بين أفراد العائلة الملكية، مما أضعفها. ولجأ الملك الجديد إلى فرض نظام أوتوقراطي من خلال اعتقال كل قادة الأحزاب والعديد من المناضلين.

إثر ذلك، اجتمع التياران الأساسيان داخل الحزب الشيوعي والحزب الممثل للبرجوازية واتفقوا على النضال ضد الملكية.

في سنة 2006، تم هزم الملكية بشكل نهائي وفي 2008، تم الإعلان على الجمهورية.”

و بخصوص الوضع السياسي في البلاد، فقد قال أن هناك ثلاث قوى أساسية: الحزب الشيوعي الماركسي-اللينيني والحزب الشيوعي الماوي وحزب البرجوازية. وقد انتخبت الجمعية التأسيسية سنة 2013 من أجل تغيير دستور البلاد. وفي سنة 2015، أقر دستور جديد جد تقدمي يتضمن بناء الاشتراكية كمجتمع للعدالة الاجتماعية.

وفي الانتخابات البرلمانية الأخيرة، قدم الحزبان الشيوعيان مرشحا وحيدا وحصلا على ثلثي أعضاء البرلمان. في الانتخابات الاقليمية والبلدية والقروية، تقدم كل حزب بمرشحيه وحصلا في المجموع على الأغلبية في 6 إقليم وعلى أكثر من 400 منتخب من أصل 753 في البلدية والقروية.

لقاء بيان الرفيق عبد الله الحريف عن النهج الديمقراطي والرفيق مرتضى لعبيدي عن حزب العمال تونس مع قادة شيوعيين من النيبال

في مايو 2008، توحد الحزبان في حزب واحد تحت اسم الحزب الشيوعي للنيبال، الذي تبنى الماركسية-اللينينية كإيديولوجيا ومنهج لتحرير الطبقات الشعبية في النيبال، ووضع تخطيطا خماسيا يستهدف تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية ومحاربة الرشوة والازدهار الاقتصادي.

وعلى المستوى الاقتصادي فقد طرح ضرورة مرحلية لتبني اقتصاد السوق، لكن تحت إشراف الدولة كما في الصين. واعتبر أن الاستثمار الأجنبي مرحب به، لكن مع دعم الرأسمال الوطني وبعد تأميم الأرض.

واعتبر الحزب الشيوعي للنيبال أنه يسعى مرحليا لتحقيق الأهداف التالية: النضال ضد بقايا الفيودالية، تحصين المكتسبات الديمقراطية الشعبية وخلق شروط الانتقال إلى الاشتراكية.

وعلى مستوى أجهزة الحزب فإنها يعمل بقيادة جماعية تشتغل عبر مؤسسات الحزب وتسعى لتأهيل الأطر الشابة وتقوية الإنغراس وسط الجماهير.

من جهته صرح الرفيق براكاش القيادي في الحزب الشيوعي الماوي سابقا، وعضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الحالي أن”

“نضالنا كان ضد الفيودالية والامبريالية. وقد تمكنا من القضاء على الملكية وإقامة الجولة الفدرالية الديمقراطية.

ليس نظامنا برلماني تقليدي، لأننا لم نتمكن من القيام بثورة بل المعنى التقليدي والإمساك بالسلطة بشكل كلي، ولم نتمكن من الإمساك بالدولة بالكامل، بل أقمنا نظاما ديمقراطيا شعبيا ذو توجه اشتراكي. “

و بخصوص موقفه من الديمقراطية والانتقال نحو الاشتراكية قال:
“نحن بصدد بناء شكل أخر من الديمقراطية، ديمقراطية شعبية وموجهة نحو الاشتراكية. وقد تمكنا من دسترة التوجه الاشتراكي للدولة في الدستور بقيادة الحزب الشيوعي للنبال. وهي شكل من الديمقراطية نسميه الديمقراطية الشاملة. موجه نحو إقامة مجتمع الرفاه والعدالة الاجتماعية لشعبنا وتحقيق الاشتراكية، ليست ما مارسه دعاة الاشتراكية الديمقراطية بل الاشتراكية العلمية. ونعتبر أن مهامنا الآن ليست إقامة الاشتراكية بشكل مباشر بل تقوية البناء الديمقراطي و وبناء الأسس المادية لتحقيق الرفاه لشعبنا.”

وبخصوص العلاقة مع المؤسسات المالية الدولية، فقد صرح بأن:

” البنك الدولي وصندوق النقد الدولي هما أدوات للامبريالية والنيوليبرالية التي تسعى لعولمة النظام النيوليبرالي. لا يمكننا القطع نهائيا مع هذه الأدوات لأن اقتصادنا ليس معزولا لكننا ضد التوجهات النيولبرالية والعولمة الرأسمالية.وما يسمى اقتصاد السوق.”

كما أكد أن للحزب الشيوعي للنيبال علاقة جيدة مع الصين والحزب الشيوعي هناك، لأنها علاقة إستراتيجية تقوم على الاحترام المتبادل و تخدم مصلحة الشعب كما أن الصين لا تتدخل في الشؤون الداخلية للبلد ولا تمس سيادته بالإضافة إلى أنهم يدعمون الاقتصاد المحلي عبر سياستهم المنفتحة. إلا أن لهم تساؤلات بخصوص اشتراكية القرن 21 بمميزات صينية.
من جهة أخرى، صرح الرفيق براكاش أن:

“الهند دولة تمارس الهيمنة، وبلد استعماري يحاول تاريخيا التدخل في سيادة بلدنا، وهو ما عارضناه دائما. نريد أن تكون لنا علاقات طيبة مع الهند، علاقات جوار مع الهند والصين التي لا يوجد لنا معهم مشكل لأنهم لا يتدخلون في شؤون بلدنا ولا يفرضون آي شكل من أشكال الهيمنة بخلاف الهند.”

كما أكد أن الحزب الشيوعي للنيبال يناضل ضد الامبريالية العالمية، وعلى رأسها الإمبريالية الأمريكية التي يعتبرها الخطر الأساسي الذي يهدد قوى التغيير والسلام في العالم.

ويعتبر روسيا كذلك قوة امبريالية، لكنها غير مهيمنة، بل لها إلى حدود ما تناقضات مع الامبريالية الأمريكية الشيئ الذي يساعد الحركات المناهضة للامبريالية.

وفيما يخص المنطقة العربية والمغاربية، فقد تابعا الرفيقين ما عرف بانتفاضات الربيع العربي. وأكدا على أن ضعف اليسار وتولي جزء من البرجوازية الصغيرة والمتوسطة قيادة هذه الحركات لم يمكن من تحقيق التطلعات الثورية، بالإضافة لتدخل مختلف القوى الإمبريالية من أجل إجهاض آمال شعوب المنطقة في التحرر والإنعتاق.

وفي الأخير توجه الرفيقين بالتحية إلى جريدة النهج الديمقراطي وكافة قرائها وأكدا على أن الوقت حان للنضال الموحد ضد همجية الرأسمالية ومن أجل بناء بديل إنساني لشعوب العالم.

قد تعجبك أيضاً

اترك تعليقًا