الصفحة الرئيسية بياناتبيانات وطنية بيان ضد تحكم الدولة والباطرونا في العمل النقابي

بيان ضد تحكم الدولة والباطرونا في العمل النقابي

كتبه user B

بيان حول مشروع القانون 19 – 24 المتعلق بالمنظمات النقابية
جميعاً ضد تحكم الدولة والباطرونا في العمل النقابي

1) في عز حالة الطوارئ الصحية واحتداد جائحة كورونا وما واكبها من تغول للرأسمالية المتوحشة وللسلطات المخزنية الحامية لمصالحها، والهجوم على الحريات ومكتسبات وحقوق الشغيلة؛ وفي سياق الردة الخطيرة في المجال القانوني، التي تجسدت بشكل خاص في تمرير المرسوم سيء الذكر حول توسيع العمل بالعقدة المحددة المدة، والمخططات التخريبية للوظيفة العمومية (على غرار التشغيل بالتعاقد في التعليم والصحة) وللقطاع العمومي قصد التمهيد للمزيد من الخوصصة، والعمل على تمرير القانون التكبيلي للإضراب، وعزم الدولة على فرض تعديلات انتكاسية لمدونة الشغل؛ وفي ظل الأزمة الحادة التي تعيشها الحركة النقابية العمالية ببلادنا، بعث وزير الشغل يوم 10 غشت 2020 للأمناء العامين للمركزيات النقابية ب “صيغة محينة لمشروع القانون 19 – 24 المتعلق بنقابات العمال والمنظمات المهنية للمشغلين”. وقد تمّ تبرير هذه المبادرة أساساً بضرورة تجاوز الازدواجية الحالية في المرجعية القانونية للعمل النقابي المتجسدة في ظهير 16 يوليوز 1957 بشأن النقابات المهنية وفي المقتضيات القانونية الخاصة بالنقابات التي تتضمنها مدونة الشغل.

2) إن النهج الديمقراطي، كحزب سياسي غايته الأساسية الدفاع عن مصالح ومطامح الطبقة العاملة وعموم الشغيلة في مواجهة الاستبداد والفساد والاستغلال الراسمالي والهيمنة الامبريالية، رفع منذ مدة شعار “بناء حزب الطبقة العاملة والنهوض بالعمل النقابي التقدمي مسيرة واحدة”. ولهذه الغاية صمم في آن واحد على المساهمة بقوة في بناء العمل النقابي الوحدوي الديمقراطي الكفاحي والمستقل وعلى توفير الشروط للإعلان في مؤتمره الوطني الخامس القادم عن تأسيس الحزب المستقل للطبقة العاملة المغربية. ومن هنا اهتمامه القوي بمشروع القانون 24.19 حول العمل النقابي ودراسته التي خلصت لإبداء الملاحظات والمواقف الأولية التالية:
إن الحركة النقابية العمالية المغربية لم تكن في الشروط الحالية في حاجة إلى إطار قانوني جديد للعمل النقابي مهما كانت المبررات المطروحة، بقدر ما كانت وما زالت تطالب الدولة وحكومتها باحترام المرجعية القانونية الحالية على علاتها وتطبيق مقتضياتها، بالخصوص في مجال تأسيس نقابات جديدة وتجديد المكاتب النقابية وتسليم وصولات الإيداع القانونية وحماية النقابيين والمكاتب النقابية، خاصة وأن الممارسات المتناغمة للمخزن والباطرونا تسير في اتجاه الحظر العملي للعمل النقابي أساسا بالقطاع الخاص من خلال طرد أعضاء المكاتب النقابية من العمل والتضييق على حق الإضراب بل وتجريمه في العديد من الأحيان. ومن هنا يتبين أن طرح مشروع لقانون جديد حول المنظمات النقابية هو مطلب للدولة المخزنية تسعى من خلاله إلى المزيد من إضعاف العمل النقابي والحركة النقابية العمالية ببلادنا.

وهذا ما يتضح كذلك من خلال منهجية بلورة المشروع التي افتقدت للطابع التشاركي والتفاوضي القبلي بين الأطراف المعنية، في عدم التنصيص على استقلالية العمل النقابي عن الدولة والباطرونا والأحزاب السياسية، وفي الجمع بين التنظيم النقابي للعمال والتنظيم المهني للباطرونا في نص قانوني واحد !

تبعاً لما سبق إن الدولة مطالبة، من أجل إضفاء حد أدنى من المصداقية على مبادرة وضع قانون جديد للمنظمات النقابية، بجعل حد لحربها المكشوفة على الحريات النقابية والحق في التنظيم النقابي وبالتصديق الفوري على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87 حول “الحريات النقابية وحماية حق التنظيم النقابي” وباعتمادها، مع الاتفاقية 135 الخاصة “بتوفير الحماية والتسهيلات لممثلي العمال في المؤسسة” والاتفاقيات الدولية الأخرى المصدق عليها من طرف المغرب، كأساس مرجعي لأي مشروع قانون حول العمل النقابي. كما أنه من المفروض أن يحافظ المشروع على المكتسبات الواردة في المرجعية القانونية الحالية.

إن مشروع القانون المقترح طويل (144 مادة، مقابل 26 في ظهير 16 يوليوز 1957، و34 في مدونة الشغل) ومعقد ومرتبك في صياغته، وبالتالي لن يساعد على مأسسة فعلية للعمل النقابي وسيؤدي إلى عرقلته وانحراف الشغيلة ونقاباتها عن تطبيق القانون مع ما ينجم عن ذلك من نتائج وخيمة بالنسبة للنقابات.

يتميز المشروع كذلك بالتكرار وبتحديدات غامضة للنقابة والمنظمة النقابية وبغموض بشأن الفئات المعنية بموجبه بحق التنظيم النقابي، خاصة بالنسبة لما سمي في المشروع “بالعمال المستقلين” الذين يُقصد بهم الفلاحون الكادحون والحرفيون والتجار الصغار وأصحاب المهن الحرة وغيرهم دون التنصيص بوضوح على ذلك.

من المقتضيات السلبية الجديدة في هذا المشروع، ما ورد في مادته الثالثة من إقحام وللمرة الأولى لمقتضيات ذات طابع سياسي غريبة عن الفكر النقابي الأصيل المرتكز عالمياً، وفي أدبيات منظمة العمل الدولية خاصة، على قيم الأممية والديمقراطية والتضامن والمساواة والعلمانية.

من التراجعات الخطيرة داخل المشروع المطروح، سن مقتضيات جديدة من شأنها الإساءة للحق في التنظيم النقابي، تمثلت في فرض مقتضيات مُعَرقِلة لتأسيس النقابات وتجديد أجهزتها كذلك، أبرزها التصريح المسبق بانعقاد المؤتمر أو الجمع العام التأسيسي للنقابة وتعقيدات أخرى بشأن الملف القانوني وتسليم السلطات لوصل الإيداع المؤقت أولاً، ثمّ النهائي، خلافاً للمقتضيات القانونية الحالية القاضية بالتسليم الفوري لوصل إيداع واحد ووحيد بمجرد وضع الملف القانوني عن التأسيس النقابي أو عن تجديد الأجهزة. وبموجب هذه الإجراءات الجديدة ستتمكن السلطات من عرقلة العمل النقابي منذ انطلاقه وستتمكن الباطرونا من طرد أعضاء المكاتب النقابية بعد تكوينها مباشرة وقبل أن تحصل على الشرعية القانونية، التي يمكن بموجب القانون أن تظل معلقة لمدة شهرين.

يضاف لما سبق أن المشروع:
– حصر هدف النقابة فقط في الدفاع عن حقوق ومصالح “الأشخاص الذين تمثلهم” بدل “الفئات التي تؤطرها” كما جاء في مدونة الشغل. كما أسقط المشروع من الهدف الدفاع عن “المطالب المعنوية” للشغيلة وغيّب التضامن كأحد الأهداف النقابية السامية.
– بخّس المقتضيات التي تمنع المشغل من التدخل في شؤون النقابة دون سن عقوبات رادعة في هذا المجال.
– كرّس حرمان عدد من الفئات من الحق في التنظيم النقابي بدعوى حمل السلاح (الجمركيون، الغابويون، رجال الأمن) أو لأسباب أخرى كما هو الشأن بالنسبة للقضاة ومتصرفي وزارة الداخلية.
– كرّس حرمان الأجانب من الحق في التواجد داخل المكاتب الوطنية، خلافاً لما يجري به العمل في معظم بلدان العالم (أكثر من%80 ) التي صادقت على الاتفاقية 87.
– كرّس المقتضيات الهجينة والفضفاضة الحالية حول الحوار الاجتماعي بدل التقنين للتفاوض الجماعي كما حددته منظمة العمل الدولية.

بالنسبة لقضايا التمثيلية النقابية:
– إن دور المكتب النقابي (أو الجهاز التنفيذي للنقابة) باهت داخل المشروع ولم يتمّ نهائياً الحديث عنه كجهاز لا من حيث تشكيلته ولا من حيث أدواره في تأطير العمل النقابي وفي التفاوض مع المشغل والسلطات المعنية وفي تأطير النضالات العمالية.
– إن ما يسمى بالممثل النقابي هو المسؤول في المشروع عن رفع المطالب للمشغِل وعن محاورته مقتنِصاً بذلك المسؤولية المناطة بالمكتب النقابي.
– إن عدد الممثلين النقابيين جد ضعيف بالمقارنة مع عدد مندوبي الأجراء، الذين خلقوا أصلا لمنافسة التنظيم النقابي، في حين أن منطق الاتفاقية 135 كان يستوجب أن يكون عدد الممثلين النقابيين متساوياً مع عدد المندوبين.
– كل هذا يسير في اتجاه الرغبة المشتركة للباطرونا والمخزن في إضعاف العمل النقابي الديمقراطي لفائدة مندوبي الأجراء وممثلين نقابيين قليلي العدد. وهذا ما يتجلى كذلك في ضعف التسهيلات الممنوحة للممثلين النقابيين وانعدامها تماماً بالنسبة للمكتب النقابي وأعضائه. كما أن المشروع ذهب في اتجاه التمييز بين التسهيلات النقابية المقدمة للعمل النقابي في القطاع الخاص وفي القطاع العام.
– فيما يخص النقابات الأكثر تمثيلية والمقتضيات والنِّسب المطلوبة لحيازة هذه الصفة، فهي نتيجة لبلقنة العمل النقابي، وفي نفس الوقت دعامة لهاته البلقنة وتدفع في اتجاه تأبيدها وتعميقها من خلال المقتضيات الجديدة الواردة في المشروع.
بالنسبة للمقتضيات الزجرية المخالفة للقانون حول المنظمات النقابية، يُسجل أن هذه المقتضيات كثيرة ووازنة بالنسبة للنقابات وضئيلة ومخففة أو منعدمة بالنسبة للمشغلين وبالنسبة للسلطات المنتهكة للقانون.

إن النفس الديمقراطي ضعيف داخل مشروع القانون على غرار المرجعية القانونية الحالية، إذ لم يأت المشروع بأي مقتضيات جادة من شأنها تقوية وتعزيز الديمقراطية داخل التنظيمات النقابية. وعلى سبيل المثال، رغم التواجد الوازن للنساء والشباب في النقابات، لم يفرض المشروع تمثيلية إجبارية مناسبة ومشرفة لهاتين الفئتين في الأجهزة القيادية للنقابات. والأمل، كل الأمل مطروح على المناضلين/ات النقابيين المتشبعين بقيم حقوق الإنسان وبالديمقراطية العمالية لمأسسة وتخليق ودمقرطة العمل النقابي.

3) اعتبارا لما سبق ولملاحظات نقدية أخرى لم يسمح المجال بإثارتها، إن المشروع المطروح على أنظار الحركة النقابية مرفوض في صيغته الحالية. وإن الكتابة الوطنية للنهج الديمقراطي تعتبر أن الحركة النقابية العمالية قادرة، بفضل توحيد رؤيتها لحماية الحرية النقابية والحق في التنظيم النقابي، على الوقوف في وجه إرادة المخزن والباطرونا في التحكم في العمل النقابي وتدجينه، وقادرة على انتزاع مشروع قانون أفضل يحافظ على المكتسبات القانونية الحالية ويطورها.

لذا تدعو الكتابة الوطنية النقابات العمالية والمناضلة وفي مقدمتها الاتحاد المغربي للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل إلى توحيد كلمتها ومجهوداتها لمواجهة إرادة التحكم في العمل النقابي خدمة لأهداف الامبريالية والرأسمالية المتوحشة والسلطات المخزنية والكتلة الطبقية السائدة.

كما تدعو كافة مناضلي/ات النهج الديمقراطي وعموم المناضلين/ات والاطارات التقدمية الغيورة على مصالح الطبقة العاملة وعموم الكادحين والجبهة الاجتماعية المغربية ومناصريها والحركة الحقوقية المناضلة إلى العمل المشترك للمواجهة الجماعية والوحدوية لمشروع قانون المنظمات النقابية.

النهج الديمقراطي
الكتابة الوطنية
في 6 شتنبر 2020

قد تعجبك أيضاً

اترك تعليقًا